نحن نفكّر في الحفاظ على أرواح البشر
كلمة المهندس علي ملائي، المؤسِّس والمدير العام للمجموعة الصناعية أنديشه
إنّ الالتزام المؤسسي والإرهاق النفسي والجسدي خلال سنوات عملي كموظف دفعاني إلى أن أبدأ عملاً شخصياً ظنّاً مني أنّي سأجد فيه راحتي!
كم من الأيام والليالي قضيتها في السعي لتحقيق هذا الحلم، حتى سُلِبَ مني الهدوء والنوم والطعام، إلى أن تأسّست وحدة «أنديشه» عام 1363 هـ.ش (1984م). عندها فقط أدركت أن الالتزام المؤسسي بكل ثقله قد تحوّل إلى التزام اجتماعي، وأنّ مسؤولية أعظم بكثير قد وُضِعَت أمامي — مسؤولية لو أُهمِلَت لانحنى الظهر من ثقلها.
لكن بفضل يقظة مجموعة من العاشقين المتفانين، وُلدت مؤسسةٌ كان أثرها الداخلي والخارجي سبباً في ترسيخ المسؤولية الاجتماعية حتى بلغت ما يُعرف بـ«النغمة الرابعة» (مستوحاة من درس شرح المثنوي للعلامة محمد تقي جعفري)، وكانت شركة «أنديشه» ثمرة تلك «النغمة الرابعة».
منذ الأيام الأولى لتأسيس المجموعة الصناعية أنديشه، كان إيماننا راسخاً بأنّ الجودة ليست ثمرة التكنولوجيا فحسب، بل هي نتاج الفكر، والسعي، والإيمان بقيمة حياة الإنسان.
نحن في «أنديشه» نعتبر أنفسنا ملتزمين بأن نفكّر بما هو أبعد من الإنتاج — أن نفكّر في السلامة، والطمأنينة، والمستقبل.
تاريخ المجموعة الصناعية أنديشه
فكرة تشتري الحياة
في منتصف ثمانينات القرن الماضي، حين كانت الصناعة الإيرانية تخطو خطواتها الأولى نحو الاكتفاء الذاتي، أقدم عددٌ من المهندسين الإيرانيين برؤية مختلفة على عملٍ جعل لاحقاً اسم «أنديشه» أحد أعمدة صناعة سلامة السيارات في إيران والشرق الأوسط.
وُلدت المجموعة الصناعية أنديشه عام 1363 هـ.ش (1984م) من رحم ورشةٍ صغيرةٍ لصناعة القوالب كانت مليئة بالحماس والطموح. ما بدأ حينها كمحاولةٍ لصناعة قوالب بلاستيكية بسيطة، تحوّل خلال فترةٍ قصيرة إلى رؤيةٍ وطنية هدفها لم يكن الإنتاج فحسب، بل حماية أرواح الناس.
بعد عشر سنوات، في عام 1373 هـ.ش (1994م)، انطلق أول مشروعٍ وطني لإنتاج أحزمة الأمان في السيارات داخل إيران. ثلاث سنواتٍ من البحث والاختبار والتجربة أثمرت إنجازاً باهراً: ففي عام 1376 هـ.ش (1997م) تم إنتاج أولى نماذج أحزمة الأمان المصنَّعة محلياً، ونالت اعتماد شركات السيارات الإيرانية، لتفتح طريقاً جديداً أمام صناعة السلامة في البلاد.
ومع توسّع التجهيزات وإنشاء مصنعٍ جديد، واصلت الشركة نشاطها عام 1378 هـ.ش (1999م) تحت اسم «أنديشه لسلامة السيارات»، لتتحوّل تدريجياً من مجرّد مُصنِّعٍ محلّي إلى رمزٍ للهندسة والثبات والجودة الإيرانية.
من صناعة القوالب إلى تكنولوجيا السلامة
كانت سنوات الألفين (دهة 1380 هـ.ش) مرحلة ازدهار «أنديشه».
ففي عام 1381 هـ.ش (2002م)، تم إنشاء أَحدث مختبرٍ متخصّص لأحزمة الأمان في الشرق الأوسط بالتعاون مع شركات يابانية وكورية، ليكون نقطة تحوّلٍ جلبت المعايير العالمية إلى قلب الصناعة الإيرانية.
وبعد عامٍ واحد، أُطلقت شركة الضغط الدقيق أنديشه (Fine Blanking) لإنتاج القطع الخاصة بوسائل الأمان بدقّةٍ غير مسبوقة في البلاد.
توالت النجاحات تباعاً:
الحصول على شهادات ISO TS و ISO 9001، ونيل علامة المعيار الوطني الإيراني، والاختيار كمنشأةٍ صناعية نموذجية على مستوى البلاد.
وفي عام 1387 هـ.ش (2008م)، وُقّع عقدٌ رسمي مع العملاق الأوروبي TRW Automotive، حيث تمكّنت المجموعة الصناعية أنديشه من إدخال وتوطين أحدث تقنيات إنتاج أحزمة الأمان والوسائد الهوائية إلى إيران لأول مرة.
وفي العام نفسه، تأسست شركات أشرطة الأمان، والنوابض الالتوائية، وأيمنسازان خودرو أنديشه لتشكّل معاً سلسلة إنتاجٍ متكاملة لوسائل السلامة داخل البلاد.
وفي السنوات اللاحقة، أُدرج اسم «أنديشه» ضمن قائمة المورّدين الرئيسيين لكبرى شركات صناعة السيارات مثل إيرانخودرو، سايبا، پارسخودرو، وبهمن موتور.
وخلال العقد التالي، وبالتعاون مع شركات ألمانية ونمساوية، تم تشغيل خطوطٍ متطورة لقصّ الليزر، وخياطة الوسائد الهوائية، وصبّ المغانيسيوم بالروبوتات من نوع ABB — خطوةٌ نقلت «أنديشه» من مستوى المُصنِّع إلى مستوى مركز تكنولوجيا متقدّمة لسلامة السيارات.
القلب النابض للجودة
في قلب هذه التطوّرات يقف مختبرٌ يُشار إليه بوصفه القلب النابض للمجموعة الصناعية أنديشه.
إنه مختبرٌ يُعدّ اليوم من أكثر مراكز اختبار مكوّنات السلامة تطوراً في الشرق الأوسط، ويضمّ أكثر من سبعين جهاز اختبار يابانياً وكورياً وألمانياً يعملون على مدار الساعة.
تُجرى جميع الاختبارات وفقاً للمعايير الدولية ECE R16 وPSA وسائر المتطلّبات العالمية للجودة والسلامة.
وبحصول هذا المختبر على شهادة ISO/IEC 17025 واعتماده كـ مختبرٍ متعاون مع المنظمة الوطنية للمواصفات والمعايير الإيرانية، أصبح لا يخدم مجموعة أنديشه فحسب، بل يُعتبر مرجعاً وطنياً لاختبارات واعتمادات الجودة في صناعة السيارات الإيرانية بأكملها.
نظرة إلى المستقبل – من المعدن إلى الفكر
في مسار تطوّرها المستمر، خطت المجموعة الصناعية أنديشه عام 1398 هـ.ش (2019م) خطوةً كبيرة نحو الاستدامة بتأسيس شركة أنديشه لإعادة تدوير الماغنيسيوم.
يضمّ هذا المجمع أقساماً لإعادة تدوير الماغنيسيوم والألومنيوم، إضافةً إلى صبّ الماغنيسيوم بالضغط، ليُصبح أحد روّاد تكنولوجيا إعادة تدوير المعادن الخفيفة في الشرق الأوسط.
في العمليات التقليدية، يتطلّب إنتاج كيلوغرامٍ واحد من الماغنيسيوم الخام نحو 35 كيلوواط ساعة من الطاقة، بينما تُنتجه تقنية أنديشه الحديثة بإجمالي 3 كيلوواط ساعة فقط — أي بتوفيرٍ للطاقة بنسبة 95٪، وانخفاضٍ كبير في الملوّثات البيئية، وخطوةٍ حقيقية نحو الاقتصاد الدائري والإنتاج الأخضر الوطني.
وفي عام 1403 هـ.ش (2024م)، مع انطلاق شركة تطوير صناعة الإلكترونيات أنديشه ذات الطابع المعرفي، دخلت المجموعة رسمياً عصر التحوّل الرقمي في صناعة السيارات — العصر الذي لم تعد فيه السلامة مجرّد قطعةٍ ميكانيكية، بل أصبحت فكراً وذكاءً واتصالاً وتكنولوجيا.
فلسفة الإدارة – الجودة ليست شعاراً بل إيماناً
في نظر المهندس علي ملائي، مؤسِّس المجموعة الصناعية أنديشه، فإنّ الجودة ليست شعاراً يُرفَع، بل هي جوهر ثقافة المؤسسة.
وهو يؤمن بأنّ:
«أيّ شكلٍ من أشكال عدم رضا الزبون غير مقبول، وأيّ انحرافٍ يجب معالجته في أقصر وقتٍ ممكن وبصورةٍ جذرية.»
لقد ترسّخ هذا الإيمان على مدى أربعة عقود في عروق المؤسسة حتى أصبح جزءاً من هُويّتها.
فـ«أنديشه» ليست مجرّد شركةٍ تحمل شهادات IATF 16949، ISO 9001، ISO 14001 و ISO 17025، بل هي كيانٌ نال ثقة الوطن قبل أن ينال الشهادات.
اليوم، «أنديشه» ليست مجرّد اسم
اليوم، تجاوزت المجموعة الصناعية «أنديشه» حدود كونها مُصنِّعاً لتُصبح رمزاً للإرادة الهندسية الإيرانية.
من المختبر إلى خطّ الإنتاج، ومن صناعة القوالب إلى تكنولوجيا إعادة التدوير، ومن الهندسة الميكانيكية إلى الإلكترونيات الذكية — أثبتت «أنديشه» في كلّ خطوة أنّه يمكن التفكير والعمل في إيران بمستوىٍ عالمي.
المجموعة الصناعية أنديشه – السلامة، والجودة، والابتكار من أجل مستقبلٍ آمن.